عزب
المهنة : موظف الجنس : علم الدولة : مصرى عدد المساهمات : 27 نقاط : 9255 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 01/05/1990 تاريخ التسجيل : 17/04/2012 العمر : 34 العمل/الترفيه : القراءه المزاج : تمام
| موضوع: مصر فى التوحيد تاريخ عريق الثلاثاء 17 أبريل - 15:13 | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
مصر فى التوحيد تاريخ عريق المصدر: الأهرام اليومى بقلم: د. محمد عمارة
فى الفكر المادى والفلسفة الوضعية، يعتبرون الدين (فكرا) أفرزه العقل البشرى، ويقولون إن الفكر الدينى بدأ بالوثنية وتعدد الآلهة، وأن التوحيد قد جاء تطورا للعقل البشرى فى ميدان التصورات الدينية. وانطلاقا من هذه الفلسفة المادية قال علماء المصريات الغربيون: إن المصريين القدماء قد عرفوا التوحيد قبل الديانات السماوية!. وعلى العكس من هذه الفلسفة تماما يقف الفكر الدينى، الذى يؤمن بأن الدين ـ وفى القلب منه التوحيد ـ هو وحى سماوى، وليس إفرازا للعقل البشرى، وأن الإنسانية، قد بدأت ـ منذ آدم عليه السلام ـ بالتوحيد. وأن هذا التوحيد ـ الذى ظل يغالب الوثنية ـ قد جددته الرسالات السماوية التى توالت على مر التاريخ. وعلى حين حاول الماديون الاستدلال على نظريتهم بوجود فكر توحيدى فى التراث المصرى السابق على الديانات السماوية الثلاث. رد عليهم أهل الفكر الإيمانى بأن هذا الفكر التوحيدى الذى بشر به «أخناتون» ـ وأمثاله هو من بقايا الرسالات السماوية التى بدأت بها الإنسانية منذ فجر التاريخ. ومن قصص الأنبياء نعرف أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد بعث فى مصر رسولا ـ هو إدريس عليه السلام ـ وأنه كان الثالث فى سلسلة الأنبياء ـ بعد آدم وشيث ـ عليهما السلام ـ وأنه قد عاصر آدم لعدة عقود. كما نعلم ـ أيضا ـ أن إدريس قد بشر ـ فى مصر ـ بالتوحيد، ونشره بين أهلها، فكانت مصر من أقدم بلاد الدنيا التى عرفت التوحيد ـ كوحى إلهى. وليس كفكر بشرى ـ بل ونعلم ـ أيضا ـ أن (التمدن) و(السياسة المدنية) قد اقترنت بالتوحيد الدينى فى رسالة سيدنا إدريس عليه السلام. أى أن مصر قد عرفت (التمدن والسياسة المدنية) مع التوحيد الدينى، وكجزء منه، منذ فجر التاريخ. وعن هذه الحقيقة قال العلماء الدين أرخوا للنبوات والرسالات ـ من مثل الحافظ ابن كثير (701ـ774هـ 1302ـ1373م) وابن اسحاق (151هـ 768م) والقفطى (568ـ646هـ 1172 ـ1248م) ـ صاحب (تاريخ الحكماء) ـ وابن جلجل (372هـ 982م) صاحب (طبقات الأطباء والحكماء) ـ والشيخ عبدالوهاب النجار (1278ـ 1360هـ 1862ـ 1941م) ـ صاحب [قصص الانبياء]ـ. قال هؤلاء العلماء: (إن سيدنا إدريس ـ عليه السلام ـ قد أقام بمصر ـ هو والذين آمنوا معه ـ يدعون الخلائق إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وطاعة الله ـ عز وجل ـ وأن إدريس قد رسم لقومه ـ أهل مصر ـ تمدين المدن، وجمع له طالبى العلم بكل مدينة، فعرفهم السياسة المدنية، وقرر لهم قواعدها، وعلمهم العلوم، وهو أول من استخرج الحكمة، وعلم النجوم، ذلك أن الله ـ عز وجل ـ قد أفهمه أسرار الفلك وتركيبه، ونقط اجتماع الكواكب فيه، وأفهمه عدد السنين والحساب). أى أن الله الذى علم آدم الأسماء كلها، قد جعل (التمدن والسياسة المدنية وعلوم الحضارة) جزءا من رسالة سيدنا إدريس ـ عليه السلام ـ فكانت مصر مهد التوحيد الدينى والتمدن الحضارى منذ فجر التاريخ. ومنذ عهد آدم ـ عليه السلام. ولقد ظل هذا التوحيد الدينى ـ عبر التاريخ المصرى ـ يغالب الوثنية ـ التى مثلت انحرافا عن نقاء هذا التوحيد فى منعرجات ذلك التاريخ ـ. وكان الحكماء أو الأنبياء الذين ظهروا بمصر أو مروا بها بمثابة المجددين لهذا التوحيد الأصيل والقديم. فعند (أمنحتب الثالث) [1397ـ1360 ق. م] نجد مناجاته لله الواحد الأحد، التى يقول فيها: (أيها الموجد دون أن توجد، مصور دون أن تصور، هادى الملايين إلى السبل الخالد فى آثارى التى لا يحيط بها مصر). وعند (أخناتون ـ أمنحتب الرابع) [1370ـ1349 ق. م] نقرأ فى الرسالة التى بشر بها مناجاته لله الواحد: (أنت إله، يا أوحد، ولا شبيه لك. لقد خلقت الأرض حسبما تهوى، أنت وحدك، خلقتها ولا شريك لك، أنت خالق الجرثومة فى المرأة، والذى يذرأ من البذرة أناسا، وجاعل الولد يعيش فى بطن أمه، مهدئا إياه حتى لا يبكى، ومرضعا إياه حتى فى الرحم، أنت معطى النفس حتى يحفظ الحياة على كل إنسان خلقته، حينما ينزل من الرحم فى يوم ولادته أنت تفتح فمه تماما، وتمنحه ضروريات الحياة). وتظل إشعاعات هذا التوحيد الدينى تجدد وتشرق، مغالبة الوثنية والشرك، عبر تاريخ مصر، فنجد رمسيس الثالث ـ الأكبر (1192ـ1160 ق.م) يعلن ـ وهو يحارب الوثنيين ـ فى معركة (قادش) [1285 ق. م]ـ: (لقد رأيت الله فى المعركة كان أقرب إلى من جنودى، وهو الذى نصرنى). أما الأنبياء ـ الذين عاشوا بمصر، أو مروا بها ـ والذين جاء ذكرهم فى القرآن الكريم ـ فلقد تفردوا بصفة (الصديق): [واذكر فى الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا، ورفعناه مكانا عليا] ـ مريم: 56ـ 57ـ (واذكر فى الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا) ـ مريم: 41 ـ (يوسف أيها الصديق) ـ يوسف 46ـ (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كان يأكلان الطعام) المائدة: 75. هكذا عرفت مصر التوحيد الدينى ـ ومعه (التمدن والسياسة المدنية وعلوم الحضارة) وحبا إلهيا، ودينا سماويا، منذ فجر الإنسانية ـ على عهد آدم عليه السلام ـ. وهكذا ظل التوحيد الدينى ـ عبر التاريخ المصرى ـ يغالب الشرك والوثنية ـ حتى دخلت مصر فى الرسالة السماوية الخاتمة ـ رسالة الإسلام ـ فجاء ذكرها فى القرآن الكريم فى خمس وعشرين آية من آيات الذكر الحكيم. وجاءت نبوءة الرسول الخاتم بفتحها، ووصيته بأهلها. فقال لأصحابه: (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض). فلما سأله أبوبكر الصديق: ولم ذلك يا رسول الله؟!. قال صلى الله عليه وسلم:ـ لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته). ومنذ ذلك التاريخ، أفرد المؤرخون ـ فى كتبهم ـ بابا جعلوا عنوانه: (باب فضائل مصر). حتى لقد فضلوا آثارها الفرعونية على كل آثار البلاد التى دخلت فى الإسلام!. فطوبى لمن فقه تاريخ كنانة الله فى أرضه. فأحبها. وضحى فى سبيلها. ومنحها خالص الولاء وكامل الانتماء.
| |
|